للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انهزامًا من المشركين وهو فى نفر من أهله قليلين متقدم تلقاء العدو وقتالهم جاد فى النظر نحوهم، غير مستأخر، غير مدبر، والعدو من العدد فى مثل السيل والليل. فإن قيل: قد انهزم من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) من انهزم عنه، والفرار من الزحف كبيرة، فكيف فعل ذلك أصحابه؟ قال الطبرى: والجواب أن الفرار المكروه الذى وعد الله عليه الانتقام: الانهزام على نية ترك العود لقتالهم إذا وجدوا قوة. وأما الاستطراد للكرة أو التحيز إلى فئة عند قهر العدو المسلمين لمكيدة أو كثرة عدد فليس ذلك من الفرار الذى توعد الله المؤمنين عليه، ولو كان ذلك فرارًا لكان القوم يوم حنين قد استحقوا من الله الوعيد وذلك أنه تعالى أخبر عنهم أنهم ولوا مدبرين بقوله: (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين (فولوا عن رسول الله وهم أكثر ما كانوا عددًا وأتم سلاحًا، لم يوجب لهم غضبه بل قال: (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودًا لم تروها (ولو كان إدبارهم يومئذ على غير التحرف للقتال أو التحيز إلى فئة؛ لكانوا قد استحقوا وعيده تعالى. وبمثل ما قلناه قال السلف، روى داود، عن أبى نضرة، عن أبى سعيد فى قوله تعالى: (ومن يولهم يومئذ دبره (قال: كان ذلك يوم بدر ولم يكن لهم يومئذ أن ينحازوا، ولو انحازوا لانحازوا إلى المشركين ولم يكن يومئذ مسلم على وجه الأرض غيرهم، وقال الضحاك: إنما كان الفرار يوم بدر ولم يكن لهم ملجأ يلجئون إليه،

<<  <  ج: ص:  >  >>