(يتقى به) أى: يرجع إليه فى الرأى والفعل وغير ذلك مما لا يجب أن يقضى فيه إلا برأى الإمام وحكمه، ويتقى به الخطأ فى الدين والعمل من الشبهات وغيرها، والإمام جنة بين الناس بعضهم من بعض؛ لأن بالسطان نزع الله تعالى عن المستضعفين من الناس فهو ستر لهم، وحرز الأموال، وسائر حرمات المؤمنين أن تنتهك. وقال غيره: تأويل: (يقاتل من ورائه) عند العلماء على الخصوص وهو فى الإمام العدل خاصة، فمن خرج عليه وجب على جميع المسلمين قتاله مع الإمام العدل؛ نصرة له إلا أن يرى الإمام أن يفعل ما فعل عثمان فطاعة الإمام واجبة، إلا أن الخارجين عليه إن قتلوه فى غير قتال اجتمعت فيه الفئتان للقتال أو قتلوا غيره؛ فإن القصاص يلزمهم بخلاف قتلهم لأحد فى حال الملاقاة للفئتين. ولذلك استجاز المسلمون طلب دم عثمان؛ إذ لم يكن قتله عن ملاقاة، وإن كان الإمام غير عدل فالواجب عند العلماء من أهل السنة ترك الخرج عليه وأن يقيموا معه الحدود: الصلوات، والحج، والجهاد، وتؤدى إليه الزكوات، فمن قام عليه من الناس متأولا بمذهب خالف فيه السنة أو لجور أو لاختيار إمام غيره سمى فاسقًا ظالمًا غاصبًا فى خروجه لتفريقه جماعة المسلمين، ولما يكون فى ذلك من سفك الدماء. فإن قاتلهم الإمام الجائر لم يقاتلوا معه ولم يجز أن يسفكوا دماءهم فى نصره، وقد رأى كثير من الصحابة ترك القتال مع على، ومكانه من الدين والعلم ما لا يخفى على أحد له مسكة فهم، وسموه قتال فتنة، وادعاء كل واحد على صاحبه أنه الفئة الباغية، وهذا شأن العصبية عند أهل العلم. ولم ير علىّ على من قعد عن القتال معه ذنبًا يوجب سخطه حاله،