قال ابن القصار: فيقال له: ليس كل من دخل فى شيء يتعين عليه بدخوله فيه يكون فى ابتدائه متعينًا عليه؛ ألا ترى أن المتطوع بالحج فى الابتداء ليس بواجب عليه، وإذا دخل فيه تعين فرض إتمامه عليه، وكذلك المجعول له لم يكن الجهاد متعين عليه فى الابتداء، فلما دخل فيه نائبًا عن غيره تعين عليه، إلا أنه قد سد فى جهاد العدو مسد الجاعل وناب منابه؛ فجاز له الجعل. فإن قيل: فإن المجاهد يستحق سهمًا من الغنيمة فلو وقع فعله عن غيره لم يصح ذلك، وإن وقع فعله عن نفسه لم يجب له جعل. قيل: وما يمنع من هذا؟ هو يستحق الجعل بالمعاونة ويحصل الجعل له؛ لأن المعنى المقصود من الجهاد قد حصل كما يحصل من الجاعل لو حضر، وقلنا إن المجعول له لم يتعين عليه الفرض فى الابتداء، وإنما جعل للجعل ونوى الجهاد فتعين عليه بدخوله، وقد أدى القاعد للخارج مائة دينار فى بعث فى أيام عمر، وكان مسروق يجعل عن نفسه إذا خرج البعث. قال المهلب: أما قول طاوس ومجاهد: إذا دفع إليك شيء فى سبيل الله فاصنع به ما شئت. فإنه يخرج من حديث عمر فى الفرس؛ لأنه وضع عنده للجهاد فأخذ ثمنه وانتفع به وإنما باعه الرجل؛ لأنه لم يكن حبيسًا، وإنما كان حملانًا للجهاد صدقة؛ لقول الرسول:(لا تعد فى صدقتك) . وقد روى عن ابن عباس وابن الزبير خلاف قول طاوس ومجاهد، قال ابن عباس: أنفقها فى الكراع والسلاح. وقال ابن الزبير: أنفقها فى سبيل الله. وقال النخعى: كانوا يعطون أحب إليهم من أن يأخذوا. وسيأتى تمام القول فى قصة بيع الفرس فى باب (إذا حمل