(لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم) . وفيه: جواز غفران ما تأخر وقوعه من الذنوب قبل وقوعه، وسيأتى بعض معانى هذا الحديث فى باب (المتأولين) فى آخر كتاب الديات وفى كتاب الاستئذان فى باب من (نظر فى كتاب من يحذر على المسلمين؛ ليستبين أمره) . واختلف الفقهاء فى المسلم يكاتب المشركين بأخبار المسلمين، فقال مالك: ما فيه شيء وأرى فيه اجتهاد الإمام. وقال أبو حنيفة والأوزاعى: يوجع عقوبة، ويطال حبسه. وقال الشافعى: إن كان ذا هيئة عفا الإمام عنه، واحتج بهذا الحديث أن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يعاقب حاطبًا، وإن كان غير ذى هيئة عذره الإمام؛ لأنه لا يحل دم أحد إلا بكفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس. وقال ابن القاسم فى العتبية: يضرب عنقه؛ لأنه لا تعرف توبته. وهو قول سحنون، وقال ابن وهب: يقتل إلا أن يتوب. وقال ابن الماجشون: إن كان نادرًا من فعله، ولم يكن من أهل الطعن على الإسلام، فلينكل لغيره، وإن كان معتادًا لذلك فليقتل. ومن قال بقتل الجاسوس المسلم فقد خالف الحديث وأقوال المتقدمين من العلماء، فلا وجه لقوله. واختلفوا فى الحربى المستأمن أو الذمى يتجسس ويدل على عورات المسلمين، فقال الثورى والكوفيون والشافعى: لا يكون ذلك نقضًا للعهد فى حربى ولا ذمى، ويوجعه الإمام ضربًا ويطيل حبسه.