وقال الكوفيون والشافعى: إنما وقع النهى عن قتل النساء والصبيان إذا قصد إلى قتلهم، فأما إذا قصد إلى قتل غيرهم ممن لا يوصل إلى ذلك منهم إلا بتلف نسائهم وصبيانهم فلا بأس بذلك، واحتجوا بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (هم منهم) . قال الطحاوى: فلما لم ينههم النبى عن الغارة، وقد كان يعلم أنهم يصيبون فيهم الولدان والنساء الذى يحرم القصد إلى قتلهم دل ذلك أن ما أباح فى حديث الصعب معنى غير المعنى الذى من أجله منع قتلهم فى حديث ابن عمر، وأن الذى أباح هو القصد إلى قتل المشركين وإن كان فى ذلك تلف غيرهم ممن لا يحل القصد إلى قتله؛ حتى لا تتضاد الآثار. وقد أمر (صلى الله عليه وسلم) بالغارة على العدو فى آثار متواترة، ولم يمنعه من ذلك ما يحيط به علمًا أنه لا يؤمن من تلف النساء والولدان فى ذلك، والنظر يدل على ذلك أيضًا، وقد روى عن رسول الله فى الذى عض يد رجل فانتزع يده فسقطت ثنايا العاض؛ فأبطل ذلك (صلى الله عليه وسلم) . قال الطحاوى: فلما كان المعضوض نزع يده وإن كان فى ذلك تلف ثنايا غيره وكان حرامًا عليه القصد إلى نزع ثنايا غيره بغير إخراج يده من فيه ولم يكن القصد فى ذلك إلى غير التلف كالقصد إلى التلف فى الإثم ولا فى وجوب العقل، كان كذلك من له أخذ شيء وفى أخذه إياه تلف غيره مما يحرم عليه القصد إلى تلفه، فكذلك العدو قد جعل لنا قتالهم، وحرم علينا قتل نسائهم وذراريهم فحرام علينا القصد إلى ما نهينا عنه من ذلك، وحلال لنا القصد إلى ما أبيح لنا، وإن كان فيه تلف غيره مما حرم علينا. وقوله فى حديث الصعب:(لا حمى إلا لله ولرسوله)