واختلف العلماء فى قطع شجر المشركين، وتخريب بلادهم، فرخصت فى ذلك طائفة وكرهته طائفة، فممن أجاز ذلك مالك، والكوفيون، والشافعي. قال الكوفيون: تحرق شجرهم، وتخرب بلادهم، وتذبح الأنعام، وتحرق إذا لم يمكن إخراجها. وقال مالك: يحرق النخل ولا تعرقب المواشي. وقال الشافعى: تحرق الأشجار المثمرة والبيوت، وأكره تحريق الزرع والكلأ. وأما من كره ذلك: فروى الزهرى عن سعيد بن المسيب أن أبا بكر الصديق قال فى وصية الجيش الذى وجه إلى الشام: (لا تغرقن نخلا ولا تحرقنها، ولا تعقروا بهيمة، ولا شجرة مثمرة ولا تهدموا بيعة) وقال الليث: أكره حرق النخل والشجر المثمر، ولا تعرقب بهيمة، وهو قول الأوزاعى فى رواية، وبه قال أبو ثور، والحجة فى قول من أجاز تحريقها؛ لشهادة الكتاب والسنة له، قال تعالى:(ما قطعتم من لينة (الآية. قال ابن عباس: اللينة: النخلة والشجرة. وقال ابن إسحاق: التحريق سنة إذا كان أنكى للعدو. وحديث جرير وابن عمر يشهد لصحة هذا القول. وقد تأول بعض الفقهاء أن أمر أبى بكر الصديق: (ألا تحرقن شجرة) إنما كان من أجل أن النبى (صلى الله عليه وسلم) أخبرهم أنهم يفتتحونها. وقال الطحاوى: خبر أبى بكر مرسل؛ لأن سعيد بن المسيب لم يولد فى أيام أبى بكر الصديق، وقال الطبرى: نهى أبى بكر عن تحريق النخل وتغريقه إنما هو نهى أن يقصد بذلك ويتعمد، فأما إذا أصابه التحريق والغرق فى خلال الغارة فغير متبوع به فى الدنيا والآخرة من فعله، كما النهى عن قتل النساء والصبيان، إنما هو نهى