وألا يخل يده من المال فيه رجوعًا وضياعًا، وهى رحمة من الله ورخصة، ومن أخذ بالشدة فمباح له ذلك وأحب إلينا ألا يأخذ بالشدة فى إخلاء يده من المال؛ لوقوع النهى فيه خاصة، وفيه الحكم بالدليل المعروف والعلامة المعروفة على الشيء؛ لحكم هذا الرجل بالواعية على موت أبى رافع. وقال صاحب العين: الواعية: الصارخة التى تندب القتيل، والواعى: الصوت، والوعى: جلبة وأصوات الكلاب فى الصيد إذا جدت. وقوله:(فما برحت حتى سمعت نعايا أبى رافع) المعنى: انع أبا رافع، جعل دلالة الأمر فيه، وعلامة الجزم آخره بغير تنوين. كما قالت العرب فى نظير ذلك من (أدركها) : دراكها، ومن (نظمت) : نظام كقول الراجز: دراكها من إبل دراكها يعنى: أدركها. وزعم سيبويه أنه يطرد هذا الباب فى الأفعال الثلاثية كلها، أن يقال فيها: فعال بمعنى: افعل. نحو: حذار، ومتاع، وتراك، كما تقول اترك، احذر امتع، وأنشد للكميت: نعا جذامًا غير موت ولا قتل أراد: انع جذامًا. وقوله:(وما بى قلبة) قال الفراء: أصله من القلاب، وهو داء يصيب الإبل، وزاد الأصمعى: يشتكى البعير منه قلبه، فيموت من يومه، فقيل: ذلك لكل سالم ليست به علة. وقال ابن الأعرابى: معناه: ليست به علة يقلب لها فينظر إليه.