مالك يقولون: إنما تجب الدعوة لكل من لم يبلغه الإسلام، ولا يعلم ما يقاتل عليه، فأما من قد بلغه الإسلام، وعلم ما يدعى إليه، ومن حارب وحورب مثل الروم والإفرنج، فالدعوة فيما بيننا وبينهم مطرحة ولا بأس بتبييت مثل أولئك بالغارة وتصبيحهم، وانتهاز الفرصة فيهم بلا دعوة، وقد بعث رسول الله عبد الله بن أنيس الجهنى إلى عبد الله ابن نبيح الهذلى فاغتاله بالقتل، وهو بعرفة من جبال عرفة، وبعث نفرًا من الأنصار إلى ابن أبى الحقيق، وإلى كعب بن الأشرف فهجموا عليهما بالقتل فى بيوتهما بخيبر. قال المؤلف: فلا يجوز أن يقال: إن ابن الأشرف قتل غدرًا؛ لأنه لم يكن معاهدًا، ولا كان من أهل الذمة، ومن قال: إنه قتل غدرًا فهو كافر ويقتل بغير استتابة؛ لأنه تنقص النبى (صلى الله عليه وسلم) ورماه بكبيرة، وهو الغدر وقد نزهه الله عن كل دنية، وطهره من كل ريبة. ألا ترى قول هرقل لأبى سفيان: سألتك: هل يغدر؟ فزعمت أن لا، وكذلك الرسل لا يغدرون، وإنما قال هذا هرقل؛ لأنه وجد فى الإنجيل صفته، وصفة جميع الأنبياء عليهم السلام أنه لا يجوز عليهم صفات النقص؛ لأنهم صفوة الله وهم معصومون من الكبائر، والغدر كبيرة، وسيأتى فى كتاب الرهون فى باب (رهن السلاح) زيادة فى معنى قتل كعب بن الأشرف إن شاء الله. وروى فى الأثر أن (تاس السبائى) قال فى مجلس على بن أبى طالب: إن ابن الأشرف قتل غدرًا. فأمر به على فضرب عنقه. وقد قال مالك: من تنقص النبى (صلى الله عليه وسلم) فإنه يقتل، ومن قال: إن زر النبى (صلى الله عليه وسلم) وسخة يريد بذلك الإزراء عليه