قريظة، وهذا الحديث حجة لقول جمهور العلماء أن مكة فتحت عنوة، وقد تقدم ذلك فى كتاب الحج. ومن الآثار الدالة على ذلك ما ذكره أبو عبيد قال: حدثنا أبو النضر، عن سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البنانى، عن عبد الله بن رباح، عن أبى هريرة أنه حدث بفتح مكة قال:(ثم أقبل رسول الله حين قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالد ابن الوليد على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة بن الجراح على الحسر، وأخذوا بطن الوادى، فأمرنى رسول الله، فناديت بالأنصار فلما طافت به قال: أترون أوباش قريش وأتباعهم؟ ثم قال: بيده إحداهما على الأخرى -: احصدوهم حصدًا، حتى توافونى بالصفا. قال أبو هريرة: فانطلقنا فما يشاء أحد منا أن يقتل منهم من شاء إلا قتله. فجاء أبو سفيان بن حرب فقال: يا رسول الله، أبيحت خضراء قريش، فلا قريش بعد اليوم. فقال رسول الله: من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن) . قال أبو عبيد: حدثنا هشيم، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة، قال: قال رسول اله يوم فتح مكة: (ألا لا يجهزن على جريح، ولا يتبع مدبر، ولا يقتلن أسير، ومن أغلق بابه فهو آمن) . وهذا بين فى دخولها عنوة، ومن خالف ذلك، واعتل بأن الرسول لم يحكم فيها بحكم العنوة من الغنم لها، واسترقاق أهلها، فلم تكن عنوة، فقد علم من تخصيص مكة، ومباينتها فى أحكامها لسائر البلاد، ما فيه مقنع من أنها حرام، وأنها مناخ من سبق فلا تباع رباعها، ولا تكرى بيوتها، ولا تحل لقطتها، ولا تحل غنائمها، فليست تشبه مكة شيئًا من البلاد