لهم، واستطاب أنفس أصحابه، وقال: من لم تطب نفسه فليبق إلى أول مغنم يفيئه الله علينا، وقضى لأهل مكة بأموالهم، ولم يستطب نفوس أصحابه؛ لأنه مال الله على اجتهاده، لا شيء للغانمين فيه إلا أن يقسمه لهم لقوله:(وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (فآتاهم الرسول بهذه الآية أرض خيبر فقسمها بينهم، ونهاهم فى مكة فانتهوا، ونهاهم عمر عن الأرض المغنومة بالشام والعراق بهذه الآية فلم يقسمها لهم. قال المهلب: وإنما أدخل هنى تحت هذه الترجمة؛ لأن أهل المدينة أسلموا عفوًا فكانت لهم أموالهم؛ ألا ترى أنه ساوم بمكان المسجد بنى النجار وقال: (ثامنونى بحائطكم) فأوجبه لهم. وكذلك قال عمر: إنها لأرضهم قاتلوا عليها فى الجاهلية، وأسلموا عليها فى الإسلام. فأوجبها لهم، وهذا كله يشهد لهذه الترجمة أن من أسلم فى أرض الحرب فأرضه له ما لم يغلب عليها. وسئل مالك عن إمام قبل الجزية من قوم فأسلم منهم أحد، أتكون أرضه له وماله؟ فقال مالك: ذلك يختلف، أما الصلح فمن أسلم منهم فهو أحق بأرضه وماله، وأما أهل العنوة فمن أسلم منهم فماله وأرضه فيء للمسلمين؛ لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم فهى فيء لمن من عليهم، وأما أهل الصلح فإنهم قوم منعوا أنفسهم وأموالهم حتى صالحوا عليها فليس عليهم إلا ما صولحوا عليه. وقول مالك فى هذا إجماع من العلماء. واختلفوا إذا أسلم فى دار الحرب، وبقى فيها ماله وولده، ثم خرج إلينا مسلمًا، وغزا مع المسلمين بلده.