جِرَاحَةٌ، فَلَمْ يَصْبْر فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّى رسُول اللَّه، وَأَمَرَ بِلالا، يَنَادَى فِى النَّاسِ:(إِنَّهُ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُؤمنة، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ) . قال المهلب: هذا مما أعلمنا النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه ممن نفذ علينا الوعيد من الفجار المذنبين، لا أن كل من قتل نفسه أو غيره يقضى عليه بالنار ولا يعارض هذا الحديث قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إنا لا نستعين بمشرك) لأن المشرك غير المسلم الفاجر، وقوله:(إنا لا نستعين بمشرك) قد يكون خاصا فى ذلك الوقت؛ لأنه قد استعان بصفوان بن أمية فى هوازن، واستعار منه (صلى الله عليه وسلم) مائة درع [. . . . .] ، وخرج معه صفوان بن أمية حتى قالت له هوازن: تقاتل مع محمد ولست على دينه؟ فقال: رب من قريش خير من رب من هوازن. وقد غدا معه المنافقون وهو يعلم نفاقهم وكفرهم. وقوله:(إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) يشتمل على المسلم والكافر، فيصح أن قوله:(لا نستعين بمشرك) خاص فى ذلك الوقت، والله أعلم. وفيه من أعلام النبوة إخباره (صلى الله عليه وسلم) بالغيب الذى لا يدرك مثله إلا بالوحى. وفيه جواز إعلام الرجل الصالح بفضيلة تكون فيه والجهر بها لتبلغ معانديه من أهل الباطل والقدح فى فضائله، فيحزنهم ذلك ويعلمون ثباته وشدته على الحق.