أهل الحرب لا يملكون علينا بغلبة ولا غيرها، ولو ملكوا علينا لملكت المرأة الناقة كسائر أموالهم لو أخذت شيئًا منها، ولو ملكتها لصح فيها نذرها. وحجة مالك والجماعة حديث ابن عمر فى الغلام والفرس وأنهما رُدّا عليه قبل القسمة، وأيضًا ما رواه عبد الملك بن ميسرة، عن طاوس، عن ابن عباس:(أن رجلا وجد بعيرًا له كان المشركون أصابوه، فقال رسول الله: إن أصبته قبل أن يقسم فهو لك، وإن أصبته بعد ما قسم أخذته بالقيمة) . قال ابن القصار: فدل على أن أهل الحرب قد ملكوه على المسلمين وصارت لهم يد عليه، ألا ترى أنه لو كان باقيًا على ملك مالكه لم يختلف حكم وجوده قبل القسمة وبعدها، والذى يقوى هذا أن العدو لو أتلفه ثم أسلم لم يتبع بقيمته، ولو أتلفه مسلم على مسلم لزمه غرمه، ولما جاز أن يملك المسلم على الكافر بالقهر والغلبة جاز أن يملك الكافر عليه بذلك. ودليل آخر: وهو قوله (صلى الله عليه وسلم) : (وهل ترك لنا عقيل منزلا) وكان عقيل استولى على دور النبى (صلى الله عليه وسلم) وباعها فلولا أن عقيلا ملكها بالغلبة وباعها لأبطل النبى (صلى الله عليه وسلم) بيعها ولم يجز تصرفه؛ لأن بيع ما لا يصح ملكه لا حكم له. فإن قيل: خبر ابن عباس رواه الحسن بن عمارة وهو ضعيف؛ فإن الطحاوى ذكر أن على بن المدينى روى عن يحيى عن شعبة أنه سأل مسعرًا عن هذا الحديث فقال: هو من حديث عبد الملك بن ميسرة فأثبته من حديثه فدل أنه قد رواه غير الحسن بن عمارة فاستغنى عن روايته بشهرته عن عبد الملك بن ميسره. وأما خبر الناقة والمرأة فلا حجة لهم فيه لأن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لانذر لابن آدم فيما لا يملك) إنما كان قبل أن تملك المرأة الناقة