قضاء رمضان؛ لأنه كان لا يصوم رمضان فى السفر أصلا، فإذا انقضى إطعامه وزاده ابتدأ قضاء رمضان الذى أفطره فى السفر، وقد جاء هذا مفسرًا فى (الأحكام) لإسماعيل. قال المؤلف: أما الذى ذكره إسماعيل عن ابن عمر فليس فيه ما يدل على صحة ما تأوله أبو عبد الله، والذى ذكر إسماعيل عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر (أنه كان إذا كان مقيمًا لم يفطر، وإذا كان مسافرًا لم يصم، فإذا قدم أفطر أيامًا لغاشيته ثم يصوم) فليس يدل هذا أن سفره كان أبدًا فى رمضان دون سائر الشهور، بل قوله:(إذا كان مقيمًا لم يفطر) يدل أن إفطاره لغاشيته قد يكون من صيامه التطوع، فيحتمل أن يبيت الفطر. فإن قيل: ويحتمل أن يبيت الصيام ثم يفطر لوراده بعد التبييت. قال أبو عبد الله: يرد ذلك قوله: (ذلك الذى يلعب بصومه) وقد زوج ابنته ولم يفطر، وقد دعاه عروة بن الزبير إلى وليمة فلم يفطر. وقال:(لو أخبرتنى، ولكنى أصبحت صائمًا) فكيف لم يغشاه؟ قال المهلب: فأما إفطار سلمان لأبى الدرداء إذ بات عنده؛ فإنما كان ذلك لأن أبا الدرداء كان اسرف على نفسه فى العبادة وسرمد الصوم، فأراد سلمان أن يأخذ به طريق الرخصة فى الإفطار بعد التبييت، ألا ترى أن ذلك جائز عند جماعة العلماء فى الفرض إذا بيته فى السفر ثم أدركته مشقة الصوم أن له أن يفطر، فكيف التطوع؟ فأخذ سلمان بالرخصة، وأخذ ابن عمر بالشدة؛ لأنه رأى التبييت من العقود التى أمره الله بالوفاء بها. وقد تقدم ما للعلماء فى ذلك فى كتاب الصيام.