وفيه: الجلوس بين يدى السلطان بغير إذنه. وفيه: الشفاعة عند الإمام فى إنفاذ الحكم إذا تفاقمت الأمور وخشى الفساد بين المتخاصمين؛ لقول عثمان:(اقض بينهما، وأرح أحدهما من الآخر) وقد ذكر البخارى فى المغازى أن عليا والعباس استبا يومئذ. وفيه: تقرير الإمام من يشهد له على قضائه وحكمه، وبيان وجه حكمه للناس. وأما مجيء العباس وعلى إلى أبى بكر فإنما جاءا يطلبان الميراث من تركة النبى من أرضه من فدك وسهمه من خيبر وصدقته بالمدينة على ما ثبت من حديث عائشة فى هذا الباب، فأخبرهم أنه قال (صلى الله عليه وسلم) : (لا نورث، ما تركنا صدقة) فسلما لذلك وانقادا، ثم جاءا بعد ذلك إلى عمر على اتفاق بينهما، يطلبان أن يوليهما العمل، والنظر فيما أفاء الله على رسوله من بنى النضير خاصة؛ ليقوما به، ويسبلاه فى السبل التى كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يسبله فيها؛ إذ كانت عند ذلك مصروفة فى تقوية الإسلام وأهله، وسد خلة أهل الحاجة منهم، فدفعه عمر إليهما على الإشاعة بينهما والتساوى والاشتراك فى النظر والأجرة. وأما مجيئهما إليه المرة الثانية فلا يخلو من أحد وجهين إما أن يطلب كل واحد منهما أن ينفرد بالعمل كله، أو ينفرد بنصيبه؛ فرا من الإشاعة؛ لما يقع بين العمال والخدم من التنازع، فأبى عمر أن يكون إلا على الإشاعة؛ لأنه لو أفرد واحدًا منهما بالعمل والنظر لكان وجهًا من وجوه الأثرة، فتناسخ القرون وهى بيد بعض قرابة الرسول دون بعض فيستحقها الذى هى بيده، ولم ير أن يجعلها نصفين على غير الإشاعة؛ لأن سنة الأوقاف ألا تقسم بين أهلها،