رسول الله، ولا خالفهما فيها، إذا ثبت الإجماع من أبى بكر وعمر وجميع أصحاب النبى عليه السلام ثبت القول به، ووجب العمل به، وترك خلافه، وكذلك فعل على لما صار الأمر إليه، حمل الناس عليه، على ما ثبت فى الباب. قال المهلب: الأثرة بينة فى هذا الحديث، وذلك أن ابنة النبى لما استخدمته خادمًا، فعلمها من تحميده وتسبيحه وتكبيره ما هو أنفع لها بدوم النفع، وآثر بذلك الفقراء الذين كانوا فى المسجد؛ قد أوقفوا أنفسهم لسماع العلم، وضبط السنن على شبع بطونهم، لا يرغبون فى كسب مال ولا راحة عيال، فكأنهم استأجروا أنفسهم من الله بالقوت، فكان إيثار النبى لهم، وحرمان ابنته دليل واضح أن الخمس مرقوب للأوكد فالأوكد، وليس على من ذكر الله بالسوية كما زعم الشافعى لأنه آثر المساكين على ذوى القربى، وهم مذكورون فى الآية قبلهم، وإنما الأمر موكول فيه إلى اجتهاده (صلى الله عليه وسلم) ، له أن يحرم من يشاء، ويعطى من يشاء. وفيه: أن طلبة العلم مقدمون فى خمس الغنائم على سائر من ذكر الله له فيها اسمًا. وذكر إسماعيل بن إسحاق من حديث ابن عيينة وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن على بن أبى طالب أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال لعلى وفاطمة: (لا أخدمكما وأدع أهل الصفة يطوون جوعًا، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكن أبيعه فأنفقه عليهم) .