وقال الطحاوى: وذهب قوم إلى أنه ليس للإمام أن ينفل بعد إحراز الغنيمة إلا من الخمس، فأما من غير الخمس فلا؛ لأنه قد ملكته المقاتلة، فلا سبيل للإمام عليه. وقال ابن المنذر: روى هذا القول عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب، وهو قول مالك والكوفيين والشافعى ذكره أبو عبيد عن مكحول، وعمر بن عبد العزيز، وقال أبو عبيد: الناس اليوم على هذا، لا نفل من جملة الغنيمة حتى يخمس. قال الطحاوى: وخالفهم آخرون فقالوا: للإمام أن ينفل من الغنيمة ما أحب بعد إحرازه إياها قبل أن يقسمها، كما كان له قبل ذلك. وذكر ابن المنذر أن هذا قول القاسم بن عبد الرحمن، وفقهاء أهل الشام قالوا: الخمس من جملة الغنيمة، والنفل بعده، ثم الغنيمة بعد ذلك بين أهل العسكر. وهو قول الأوزاعى وأحمد وإسحاق. وحجة هذا المقالة: حديث سليمان بن موسى، عن زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة (أن رسول الله نفل فى بدأته الربع قبل الخمس) فكذلك الثلث الذى ينفله فى الرجعة هو الثلث أيضًا قبل الخمس، وإلا لم يكن لذكر الثلث معنى. قال الطحاوى: فيقال لهم: بل له معنى صحيح، وذلك أن المذكور من نفله فى البدأة الربع، هو مما يجوز له النفل منه، وكذلك نفله فى الرجعة الثلث مما يجوز له النفل منه وهو الخمس. وروى حديث حبيب بلفظ يدل على هذا المعنى.