مصلحة للمسلمين من قسمتها على الغانمين صرفها ولم يعط الغانمين شيئًا، كما فعل بمكة فتحها عنوة ومَنَّ عليهم، ولم يعط أصحابه منها شيئًا، بل أبقاها للرحم التى كانت بينه وبينهم، وكذلك أراد أن يفعل بهوازن للرضاعة فيهم حين استأنى بالغنائم، فلما أبطئوا قسم، ثم لما جاءوا رد بعضًا وأبقى للغانمين بعضًا عن طيب أنفسهم، ولم يستطب أنفسهم بمكة؛ لأنه لم يملكهم، واستطاب أنفسهم بهوازن؛ لأنه قد كان قسم لهم وملكهم، فصح بهذا أنه لا شيء لهم إلا أن يملكوا، ولذلك قال مالك: يحد الزانى، ويقطع السارق وإن كان له فى الغنيمة سهم، إذا فعل ذلك قبل القسمة، فلو كان له فيها شبهة لدرأ الحد بها؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (ادرءوا الحدود بالشبهات) . فدل أنه لا شبهة لهم فيها إلا أن يملكوها بالقسمة. وحكى الطبرى هذه المقالة عن بعض أهل العلم قالوا: حكم المغانم كلها لرسول الله فى مغازيه كلها، وله أن يصرفها إلى من شاء، ويحرمها على من حضر القتال، ومن لم يحضر، واعتلوا بقوله تعالى:(قل الأنفال لله والرسول (وبفعله (صلى الله عليه وسلم) فى هوازن، ولم يسم القائلين بذلك. وقال آخرون: أربعة أخماس الغنيمة حق للغانمين لا شيء فيه للإمام، وإنما هو (صلى الله عليه وسلم) كبعض من حضر الوقعة إلا ما كان خصه الله به من الفيء وخمس الخمس، وأما غير ذلك فلم يكن له فيه شيء. قالوا: والذى أعطى (صلى الله عليه وسلم) يوم حنين المؤلفة قلوبهم إنما كان من نصيبه وحقه من الغنيمة.