وما رأى الإمام أن يعطيه من أبلى واجتهد فى نكاية العدو، فهو ابتداء عطية منه؛ فينبغى ألا يكون من حق الغانمين، وأن يكون مما إليه صرفه على وجه الاجتهاد وهو الخمس، كما ينفل من الخمس، لا من حقوق الغانمين. واختلفوا فى الرجل يدعى أنه قتل رجلا بعينه، ويدعى سلبه، فقالت طائفة: يكلف على ذلك البينة، فإن جاء بشاهدين أخذه، وإن جاء بشاهد واحد حلف معه وكان له سلبه، واحتجوا بحديث أبى قتادة وبأنه حق يستحق مثله بشاهد ويمين، وهو قول الليث والشافعى، وجماعة من أهل الحديث. وقال الأوزاعى: يعطاه إذا قال إنه قتله ولا يسأل على ذلك بينة. وقال ابن القصار وغيره: إن النبى شرط البينة، وأعطى أبا قتادة سلبه على بينة، وذلك بشهادة رجل واحد دون يمين؛ فعلم أنه لم يعطه لأنه استحقه بالقتل لأن المغانم له أن يعطى منها مما يبقى لمن شاء، ويمنع من شاء؛ لقوله تعالى:(وما آتاكم الرسول فخذوه (الآية والمغانم خلاف الحقوق التى لا تستحق إلا بإقرار أو شاهدين. وقال أصحاب الشافعى: إن النبى لم يعطه أبا قتادة إلا ببينة؛ لأنه أقر له به من كان حازه لنفسه فى القتال، فصدق أبا قتادة، وقال أبو بكر الصديق ما قال، وأضاف السلب إليه؛ فحصل شاهدان له. وأيضًا فإن كل من فى يده شيء فإقراره به لغيره يقوم مقام البينة. قال المهلب: فى حديث أبى قتادة من الفقه جواز كلام الوزير ورد سائر الأمر قبل أن يعلم جواب الأمير، كما فعل أبو بكر حين قال: لا ها الله، وقال ثابت فى (غريب الحديث) : قال أبو عثمان المازنى: