وقال أبو يوسف: ولحديث رسول الله معنى لا يفهمه إلا من أعانه الله عليه، ومعنى الحديث عندنا: على من يفعل ذلك وهو عنه غنى يبقى بذلك دابته أو ثوبه أو يأخذه يريد به الخيانة، فأما رجل مسلم فى دار الحرب ليس له دابة، وليس مع المسلمين فضل يحملونه إلا دواب الغنيمة، ولا يقدر على المشى، فلا يحل للمسلمين تركه، ولا بأس أن يركب شاءوا أو كرهوا، وكذلك الحال فى الثياب والسلاح. ألا ترى أن قومًا من المسلمين لو تكسرت سيوفهم أو ذهبت، ولهم غنى عن المسلمين أنه لا بأس أن يأخذوا سيوفًا من الغنيمة، فيقاتلوا بها ما داموا فى دار الحرب؟ أرأيت إن لم يحتاجوا إليها فى معمعة القتال، واحتاجوا إليها بعد ذلك بيومين أغار عليهم العدو يقومون فى وجوههم بغير سلاح أيستأسرون؟ هذا الرأى فيه توهين لمكيدة المسلمين، فكيف يحل هذا فى المعمعة ويحرم بعد ذلك؟ وحديث ابن أبى أوفى يبين أنه إذا كان الطعام لا بأس بأخذه وأكله واستهلاكه لحاجة المسلمين إليه، كذلك لا بأس بأخذ الدواب والثياب واستعمالها للحاجة إليها حتى يكون الذى أريد من حديث ابن أبى أوفى غير الذى أريد من حديث رويفع حتى لا تتضاد، وهذا قول أبى يوسف ومحمد وبه نأخذ، قاله الطحاوي.