جندل برد أمر النبى يوم الحديبية، حين قاضى أهل مكة أن يرد إليهم من فر إلى النبى من المسلمين، فحرج أبو جندل يستغيب يجر قيوده، وكان قد عذب على الإسلام. فقال سهيل، والد أبى جندل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه. فرد إليه أبا جندل، وهو ينادى: أتردوننى إلى المشركين وأنا مسلم، وترون ما لقيت من العذاب فى الله؟ وقام سهيل إلى ابنه بحجر فكسر فمه، ففارت نفوس المسلمين حينئذ، وقال عمر: لسنا على الحق؟ ولذلك قال سهل ولو أستطيع أن أرد أمر النبى لرددته. وقوله:(فما وضعنا سيوفنا) يعنى: ما جردناها فى الله لأمر فظيع علينا عظيم إلا أسهلت بنا سيوفنا، أقضته بنا إلى أسهل من أمرنا، غير هذا الأمر، يعنى: أمر الفتن التى وقعت بين المسلمين فى صدر الإسلام؛ فإنها [. . . . .] لم تتبين السيوف فيها الحقيقة بل حلت المصيبة بقتل المسلمين، فنزع السيف أول من سله فى الفتنة. وغرض البخارى فى هذا الباب: أن يعرفك أن الصبر على المفاتن، والصلة للمقاطع أقطع للفتنة وأحمد عاقبة، فكأنه قال: باب الصبر على أذى المفاتنين وعاقبة الصابرين. ألا ترى أن النبى أحذ يوم الحدبيية فى قتال المشركين بالصبر لهم، والوقوع تحت الدنية التى ظنها عمر فى الدين؟ وكان ذلك الصبر واللين الذى فهمه رسول الله عن ربه فى بروك الناقة عن توجيهها إلى مكة أفضل عاقبة فى الدنيا والآخرة من القتال لهم، وفتح مكة على ذلك الحنق الذى قال المسلمين من تحكمهم على النبى، فكان عاقبة صبر النبى