قد صار مقدورًا عليه فلم يلحق ذكاته فلا يؤكل. فيقال لهم: قد جاء حديث عدى فى أول هذا الباب أنه قال: (إذا رميت صيدًا فوجدته بعد يوم أو يومين، وليس به إلا أثر سهمك فكل) ولم يذكر الاتباع فنستعمل الجميع، فيجوز أن يؤكل وإن لم يتبعه إذا كان فيه سهمه ولا أثر فيه غيره، ويستعمل خبركم إذا شاهده قد أنفذ مقاتله، ثم غاب الصيد عنه ثم وجده على حاله، واستعمال الأخبار أولى من إسقاط بعضها. وأما قولهم: إذا لم يتبعه لم يأمن أن يكون قد صار مقدورًا عليه. فإننا نقول: هذا حكم بشيء مظنون، وإنما يجوز أكله إذا لم ير فيه أثرًا غير كون سهمه فيه، ولو روعى هذا الذى ذكره لوجب أن يتوقف عن كل صيد؛ لأنه يجوز أن يكون مات خوفًا وفزعًا، وإن شاهدناه واتبعناه، فإذا وجدنا السهم فيه ولا أثر فيه غيره فالظاهر أنه مات منه. وقد روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم)(أنه مر بالروحاء فإذا هو بوحش عقير فيه سهم قد مات، فقال النبى: دعوه حتى يجيء صاحبه فجاء البهزى، فقال: يا رسول الله هى رميتي. فأمره أن يقسمه بين الرفقة وهم محرمون) . ولو كان الحكم يختلف بين أن يتبعه حتى يجده، أو يشتغل عنه ثم يطلبه ويجده، لاستفسره (صلى الله عليه وسلم) ، فلما لم يسأل عن ذلك وقال:(دعوه حتى يجيء صاحبه) ولم يزد: هل كان يتبعه؟ علم أن الحكم لا يختلف. والحجة لقول مالك: ما روى عن ابن عباس أنه سئل عن الرجل يرمى الصيد فيجد فيه سهمه من الغد، قال: لو أعلم أن سهمك قتله لأمرتك بأكله ولكن لا أدرى قتله هو أو غيره، وفى حديث آخر:(وما غاب عنك ليلة فلا تأكله) .