ويجوز أكله. روى ذلك البخارى عن خمسة من الصحابة، وقاله من التابعين عطاء وطاوس، ومن الفقهاء: الثورى، وسائر الكوفيين، والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وقال ابن المسيب: لا يكون ذكاة كل إنسية إلا بالذبح والنحر، وإن شردت لاتحل بما يحل به الصيد. وهو قول ربيعة ومالك والليث. واحتج الكوفيون بحديث رافع بن خديج، وقالوا: موضع الدلالة من الحديث من وجهين: أحدهما: أنه لو كان رمى فلم ينكر النبى عليه الرمى؛ بل أقره عليه، وإباحة مثل ذلك الرمى بأن قال:(اصنعوا به هكذا) ومن خالفنا لا يجيز رميه. والدلالة الثانية: قوله: (إن لها أوابد كأوابد الوحش) ورسول الله لا يعلمنا اللغة، وإنما يعلمنا الحكم، فعلم أنه أراد أنه يصير حكمه حكم الوحشى فى الذكاة. قالوا: ومن جهة القياس أنه لما كان الوحشى إذا قدر عليه لم يحل إلا بما يحل به الإنسى؛ لأنه صار مقدورًا عليه، فكذلك ينبغى فى الإنسى إذا توحش وامتنع أن يحل بما يحل به الوحشي. واحتج الآخرون فقالوا: لا تلزم هذه الحجة؛ لو كان المستأنس إذا استوحش كالوحشى فى الأصل، لوجب أن يكون حكمه حكم الوحشى فى الجزاء فيه إذا قتله المحرم، وفى أنه لا يجوز فى الضحايا والعقيقة، ويجب أن يصير ملكًا لمن أخذه ولا شيء على قاتله. قال مالك: لو أن رجلا رماها فقتلها غرمها، ولم يحل له أكلها، ولو كانت بمنزلة الصيد حلت له، فلما أجمعنا على أن جميع أحكامه التى كانت عليه قبل أن يتوحش لم تزل ولم تتغير، وكانت كلها بخلاف الوحشى فى الأصل، كذلك الذكاة. وأما احتجاجهم بحديث رافع بن خديج فنقول: يجوز إذا ند ولم يقدر عليه أن يرميه