للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى سلمة بن الأكوع أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال لهم: (أكفئوا القدور واكسروها. قالوا: يا رسول الله أو نغسلها قال: (أو ذاك) فدل ذلك على أن النهى كان لنجاسة لحومها، لا لأنها نهبة؛ ألا ترى لو أن رجلا غصب شاة فذبحها وطبخ لحمها أن قدره التى طبخ فيها لا تنجس وأن حكمها حكم ما طبخ فيه لحم غير مغصوب، فدل أمره بغسلها على نجاسة ما طبخ فيها، وعلى أن الأمر بطرح ما كان فيها لنجاسته، وكذلك من غصب شاة فذبحها وطبخها أنه لا يؤمر بطرح لحمها فى قول أحد من الناس، فلما انتفى أن يكون نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن أكل لحوم الحمر بمعنى من هذه المعانى التى ادعاها الذين أباحوا لحمها، ثبت أن نهيه كان عنها فى أنفسها. فإن قيل: فقد رويتم عن ابن عباس ما احتج به من قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرمًا (الآية. قيل له: ما قاله رسول الله أولى مما قاله ابن عباس، وما قاله رسول الله هو مستثنى من الآية، وعلى هذا ينبغى أن يحمل ما جاء عن رسول الله مجيئًا متواترًا فى الشيء المقصود إليه بعينه مما قد أنزل الله فى كتابه آية مطلقة على ذلك الجنس، فيكون ما جاء عنه (صلى الله عليه وسلم) مستثنى من تلك الآية غير مخالف لها، حتى لا يضاد االقرآن السنة، ولا السنة القرآن. قال غيره: وأما حديث أبى ثعلبة فلا يصح فيه تحريم الحمر، إنما يصح فيه ما رواه مالك عن ابن شهاب أن النبى (صلى الله عليه وسلم) نهى عن أكل كل ذى ناب من السباع، ومن ذكر فيه بهذا الإسناد الحمر

<<  <  ج: ص:  >  >>