للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانهما من رسول الله ويدركه غيرهما. ولا يجوز أن ينسخ القرآن بالنسبة إلا بتاريخ متفق عليه، فوجب مع هذا الخلاف ألا نحرمها كالميتة، ونكرهها؛ لأنه لو ثبت تحريمها لوجب نقله من حيث يقطع العذر. وقد روى عن الرسول أنه أجاز أكل الضبع وهو ذو ناب. فبان بهذا أنه (صلى الله عليه وسلم) أراد بتحريم كل ذى ناب من السباع الكراهية. وقال الكوفيون والشافعى: ليس فى قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه (حجة لمن خالفنا؛ لأن سورة الأنعام مكية، وقد نزل بعد هذا قرآن فيه أشياء محرمات، ونزلت سورة المائدة بالمدينة وهى من آخر ما نزل، وفيها تحريم الخمر وتحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة. وحرم رسول الله من البيوع أشياء كثيرة. ونهيه (صلى الله عليه وسلم) عن أكل ذى ناب من السباع كان بالمدينة؛ لأنه رواه عنه متأخرو أصحابه: أبو هريرة، وأبو ثعلبة، وابن عباس. وقد حرم رسول الله نكاح المرأة على عمتها وخالتها، ولم يقل أحد من العلماء أن قوله: (وأحل لكم ما وراء ذلكم (يعارض ذلك؛ بل جعلوا نهيه عن نكاح المرأة على عمتها وخالتها زيادة بيان على ما فى الكتاب. واختلفوا هل المراد بالنهى عن أكل كل ذى ناب من السباع جميعها أو بعضها، فقال الشافعى: إنما أراد رسول الله بالنهى ما كان يعدو على الناس، ويفترس مثل الأسد، والذئب، والنمر، والكلب العادى وشبهه مما فى طبعه فى الأغلب أن يعدو، وما لم يكن يعدو فلم يدخل فى النهى فلا بأس بأكله واحتج بحديث الضبع فى إباحة أكلها، وأنها سبع. ولابن حبيب شيء نحو هذا، قال فى جلود السباع العادية: إن ذكيت فلا تباع ولا يصلى عليها، وينتفع بها فى

<<  <  ج: ص:  >  >>