فدل هذا على أن النبى - عليه السلام - كان قد نهى عن ذلك بعد ما أباحه حتى تتفق معانى ما روى عن على فى ذلك ولا تتضاد. قيل: قد جاء فى الحديث بيان هذا، وذلك أنه قد كان عليه السلام نهى عنها لشدة كان الناس فيها، ثم ارتفعت تلك الشدة فأباح لهم ذلك، ثم عاد مثل ذلك فى وقت ما خطب على بالناس، فأمرهم بما كان رسول الله أمرهم به فى مثل ذلك. والدليل على ذلك حديث سلمة بن الأكوع أنه قال عليه السلام:(كلوا وادخروا؛ فإن ذلك العام كان بالناس جهد، فأردت أن تعينوا فيها) ، وقال:(إنما كنت نهيتكم من أجل الدافة التى دفت) فدل هذا القول أن النهى من رسول الله للعارض المذكور، فلما ارتفع ذلك العارض أباح لهم رسول الله ما كان حظر عليهم، فكذلك ما فعل على فى زمن عثمان، وأمر به الناس بعد علمه بإباحة رسول الله ما قد نهاهم عنه إنما كان لضيق بدا فيه مثلما كان فى زمن رسول الله فى الوقت الذى نهاهم عن لحوم الأضاحى. وبإباحة أكل لحوم الأضاحى وتزودها قال مالك والكوفيون والشافعى وجمهور الأئمة. فإن قال قائل: فقوله عليه السلام: (كلوا وأطعموا) هل فيه دليل على وجوب الأكل من الضحية؟ وهل هو كقوله: (ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها (.