فنظرنا فى ذلك، فحدثنا سليمان بن شعيب، قال: حدثنا الحصيب، حدثنا همام، عن هشام بن عروة، عن عائشة، أنها والنبى (صلى الله عليه وسلم) كانا يغتسلان من إناء واحد يغترف قبلها وتغترف قبله. وروى حماد بن زيد، عن أفلح بن حميد، عن القاسم، عن عائشة، قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) من إناء واحد تختلف فيه أيدينا من الجنابة. ففى هذه الآثار يتطهر كل واحد من الرجل والمرأة بسؤر صاحبه، فضادّ ذلك أحاديث النهى، فوجب النظر لنخرج به من المعنيين المتضادين معنى صحيحًا، فوجدنا الأصل المتفق عليه أن الرجل والمرأة إذا أخذا بأيديهم الماء معًا من إناء واحد أن ذلك لا ينجس الماء، ورأينا النجاسات كلها إذا وقعت فى الماء قبل أن يتوضأ منه أو مع التوضؤ منه أن حكم ذلك سواء، فلما كان ذلك كذلك، وكان وضوء كل واحد من الرجل والمرأة مع صاحبه لا ينجس الماء، كان وضوءه بعده من سؤره فى النظر أيضًا كذلك. قال الطبرى: والحميم الماء الساخن، وهو فعيل بمعنى مفعول، كما قيل: فتيل بمعنى مفتول، ورأس خضيب بمعنى مخضوب، ومن سمى الحمَّام حَمَّامًا لإسخانه من دخله، وقيل للمحموم محمومًا لسخونة جسده بالحرارة، ومنه قوله:(يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ)[الرحمن: ٤٤] يراد به ماء قد أسخن فَأَنَّ حَرُّه، واشتد حتى انتهى إلى غايته. قال ابن السكيت: الحميم: ماء ساخن، يقال: احم لنا الماء.