وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِى شَنَّةٍ، وَإِلا كَرَعْنَا) ، قَالَ: وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِى حَائِطِهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِى مَاءٌ بَائِتٌ، فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيش، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِمَا، فَسَكَبَ فِى قَدَحٍ ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ، قَالَ: فَشَرِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، ثُمَّ شَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِى جَاءَ مَعَهُ. وترجم لحديث جابر: باب: الكرع فى الحوض وفيه: (فقال: يا رسول الله، بأبى أنت وأمى، وهى ساعة حارة) . يشرب اللبن بالماء، وهو أصل فى نفسه، وليس من باب الخليطين فى شىء. قال المهلب: والحكمة فى شرب الماء البارد ما فعله النبى من الجرع لاستلذاذه ببرودته، وكان ذلك فى يوم حر، ألا ترى قوله فى باب الكرع:(وهى ساعة حارة) . ولذلك صب له اللبن على الماء ليقوى برده، لاجتماع برد اللبن مع برد الماء البائت، وفيه أنه لا بأس بطلب الماء البارد فى سموم الحر، وقصد الرجل الفاضل بنفسه فيه حيث يعرف مواضعه عن إخوانه، وقد روى أبو هريرة عن النبى - عليه السلام - (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة أن يقال له: ألم أصح جسمك وأروك من الماء البارد؟) . وقوله:(وإلا كرعنا) يريد إن لم يكن عندك ماء بارد ولا عذب كان الأولى فى شربه الكرع؛ لئلا يعذب نفسه بكراهته فى كثره الجرعات.