إنما رسم البخارى هذا الباب؛ لأنه قد رويت عن النبى آثار فيها كراهية الشرب قائمًا، فلم تصح عنده، وصحت عنده أحاديث الإباحة فى ذلك، وعمل بهذا الخلفاء بعد النبى، وقال بها أئمة الفتوى، وروى الطبرى عن عمر بن الخطاب أنه شرب قائمًا، وعن على بن أبى طالب وسعد وابن عمر وعائشة وأبى هريرة مثله، وعن إبراهيم وطاوس وسعيد بن جبير مثله أيضًا. وروى عن أنس كره الشرب قائمًا، وعن أبى هريرة مثله، وبه قال الحسن البصرى. والدليل على جواز ذلك أن الأكل مباح قائمًا وعلى كل حال، فكذلك الشرب، ذكر ابن أبى شيبة قال: حدثنا حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال:(كنا نشرب ونحن قيام، ونأكل ونحن نمشى على عهد رسول الله) . قال الطبرى: وأحاديث النهى عن ذلك ليست على وجه التحريم، وإنما هى على وجه التأديب والإرشاد، يدل على ذلك أنه عليه السلام شرب قائمًا، ولم يرد عنه أن أحد الخبرين ناسخ للآخر، ولا يجوز أن يكون منه عليه السلام تحريم شىء بعد إطلاقه، أو إطلاق شىء بعد تحريمه، ثم لا يُعلم أمته أى ذلك الواجب عليهم العمل به، وقد روى فى سبب نهيه عن ذلك خبر فى إسناده نظر؛ روى بقية عن إسحاق بن مالك، عن محمد بن إبراهيم، عن الحارث بن فضيل، عن جعفر بن عبد الله، عن ابن عمر قال: قال النبى -