وقال قطرب: إنما أقسم الله بهذه الأشياء ليعجب منها المخلوقين، ويعرفهم قدرته فيها ليعظم شأنها عندهم، ولدلالتها على خالقها، فلا يجوز لأحد أن يقسم بهذه الأقسام وشبهها، لأجماع العلماء أنه من وجبت له يمين على رجل أنه لا يحلف له إلا بالله، ولو حلف له بالنجم أو بالسماء والطارق وقال: نويت رب ذلك، لم يكن عندهم يمينًا. وقال ابن المنذر: من حلف بغير الله وهو عالم بالنهى فهو عاص. قال: واختلف أهل العلم فى معنى نهى النبى عن الحلف بغير الله، أهو عام فى الأيمان كلها، أو هو خاص فى بعضها؟ فقالت طائفة: الأيمان النهى عنها، هى الأيمان التى كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيما منهم لغير الله، كاليمين باللات والعزى والآباء والكعبة والمسيح وبملل الشرك، فهذه المنهى عنها ولا كفارة فيها، وأما ما كان من الأيمان مما يئول الأمر فيه إلى تعظيم الله فهى غير تلك، وذلك كقول الرجل: وحق النبى، وحق الإسلام، وكاليمين بالحج والعمرة والصدقة والعتق وشبهه، فكل هذا من حقوق الله ومن تعظيمه، وقال أبو عبيد: إنما ألفاظ الأيمان ما كان أصله يراد به تعظيم الله والقربة إليه، ومن القربة إليه اليمين بالعتق والمشى والهدى والصدقة. قال ابن المنذر: وقد مال إلى هذا القول غير واحد ممن لقيناه، واستدل بعضهم بما روى عن أصحاب النبى - عليه السلام - من إيجابهم على الحالف بالعتق وصدقة المال والهدى ما أوجبوه