للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها قول خامس: وهو أن يخرج ماله كله، روى هذا عن النخعى، وهو قول أبى حنيفة وزفر، إلا أن أبا حنيفة قال: يتصدق بالأموال التى تجب فيها الزكاة خاصة، وقال زفر: يحبس لنفسه من ماله قوت شهرين ثم يتصدق بمثله إذا أفاد. وحجة من قال: لا يلزمه شىء أنه لو قال: مالى حرام، لم يحرم عليه بإجماع، فكذلك فى هذه المسألة. واحتج الشافعى بما رواه أبو الخير عن عقبة بن عامر أن النبى - عليه السلام - قال: (كفارة النذر كفارة يمين) فظاهره يقتضى أن كل نذر كفارته كفارة يمين إلا ما قام دليله. وذهب ربيعة إلى أن الزكاة جعلها الله طهرًا للأموال، فكذلك هذا الحالف بصدقة ماله يطهره ما تطهر الزكاة. واحتج أبو حنيفة بقوله تعالى: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن (الآية، فبين تعالى أنه لما لم يفوا بما عاهدوا الله عليه استحقوا الوعيد والذم، فلزمهم الوفاء به. واحتج ابن شهاب لمن قال: يجزئه الثلث بأن النبى - عليه السلام - قال لكعب بن مالك حين قال: إن من توبتى أن أنخلع من مالى صدقة لله قال: (أمسك عليك بعض مالك) وقال عليه السلام لأبى لبابة فى مثل ذلك: (يكفيك الثلث) . فكان حديث أبى لبابة مبينًا لما أجمل فى حديث كعب من مقدار الجزء المتصدق به، فثبت التقدير بحديث أبى لبابة، وسقطت سائر الأقاويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>