اختلف العلماء فى معنى التفرق المذكور فى هذا الحديث، فذهبت طائفة إلى أن المراد به التفرق بالأبدان، وأن المتبايعين إذا عقدا بيعهما، فكل واحد منهما بالخيار فى إتمامه وفسخه ما داما فى مجلسهما لم يفترقا بأبدانهما. روى هذا القول عن ابن عمر وأبى برزة الأسلمى وجماعة من التابعين، ذكرهم البخارى وقد روى عن سعيد بن المسيب والزهرى، وبه قال الليث وابن أبى ذئب والثورى والأوزاعى وأبو يوسف والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وذهبت طائفة إلى أن البيع يتم بالقول دون الافتراق بالأبدان، ومعنى قوله عليه السلام:(البيعان بالخيار ما لم يفترقا) أن البائع إذا قال له: قد بعتك، فله أن يرجع ما لم يقل المشترى: قد قبلت. والمتبايعان هما المتساومان. روى هذا القول عن النخعى، وهو قول ربيعة ومالك وأبى حنيفة ومحمد. واحتج من جعل التفرق بالأبدان بأن ابن عمر راوى الحديث، وهو أعلم بمخرجه، وقد روى عنه أنه بايع عثمان بن عفان قال: فرجعت على عقبى كراهة أن يُرادنِى البيع. قالوا: فالتفرق عند ابن عمر بالبدن لا باللفظ. وقالوا: إن من جعل المتبايعين فى هذا الحديث المتساومين لا وجه له؛ لأنه معقول أن كل واحد فى سلعته بالخيار قبل السوم، وما دام متساومًا حتى يمضى البيع ويعقده، وكذلك المشترى بالخيار قبل الشراء وفى حال المساومة،