قال الطحاوى: فهذا ابن عمر قد كان يذهب فيما أدركت الصفقة حيا فهلك بعدها، أنه من مال المشترى، فدل ذلك أنه كان يرى أن البيع يتم بالأقوال قبل الفرقة التى تكون بعد ذلك، وأن المبيع ينتقل بالأقوال من ملك البائع إلى ملك المبتاع حتى يهلك من ماله إن هلك، وهذا من ابن عمر دال على مذهبه فى الفرقة التى سمعها من النبى - عليه السلام - فيما ذكروا، وقد وجدنا عن رسول الله ما يدل على أن المبيع يملكه المشترى بالقول دون التفرق بالأبدان، وذلك أن النبى قال:(من ابتاع طعامًا، فلا يبعه حتى يقبضه) فكان ذلك دليلا على أنه إذا قبضه حل له بيعه، ويكون قابضًا له قبل افتراق بدنه من بدن بائعه، وروى عن سعيد بن المسيب قال: سمعت عثمان يخطب على المنبر ويقول: (كنت أشترى التمر فأبيعه بربح الآصع فقال لى رسول الله: إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فكل) ، فكان من ابتاع طعامًا مكايلة فباعه قبل أن يكتاله لا يجوز بيعه، فإذا ابتاعه فاكتاله وقبضه، ثم فارق بائعه فكل قد أجمع أنه لا يحتاج بعد الفرقة إلى إعادة الكيل، وخولف بين اكتياله إياه بعد البيع قبل التفرق وبين اكتياله إياه قبل البيع، فدل ذلك أنه إذا اكتاله اكتيالا يحل له به بيعه، فقد كان ذلك الاكتيال له وهو له مالك، وإن اكتاله اكتيالا لا يحل به بيعه، فقد كاله وهو غير مالك له، فثبت بما ذكرنا وقوع ملك المشترى فى المبيع بابتياعه إياه قبل فرقة تكون بعد ذلك، فهذا وجه من طريق الآثار.