الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يَرُعْنَا إِلا وَقَدْ أَتَانَا ظُهْرًا، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَنَا النَّبِىُّ عَلَيّهِ السَّلاَم فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلا لأمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ لأبِى بَكْرٍ:(أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ) ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَاىَ، يَعْنِى عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ، قَالَ:(أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ) ، قَالَ: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:(الصُّحْبَةَ) ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عِنْدِى نَاقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا قَالَ:(قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ) . اختلف العلماء فى هلاك المبيع قبل أن يقبض، فذهب أبو حنيفة والشافعى إلى أن ضمانه إن تلف من البائع، وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور: تلافه من المشترى. وفرق مالك بين الثياب والحيوان، فقال: ما كان من الثياب والطعام، وما يعاب عليه فهلك قبل القبض، فضمانه من البائع. قال ابن القاسم: لأنه لا يعرف هلاكه ولا بينة عليه، ويتهم أن يكون ندم فيه فعيبه، وأما الدواب والحيوان والعقار فضمانه من المشترى. وقال ابن حبيب: اختلف العلماء فيمن باع عبدًا واحتبسه بالثمن، وهلك فى يديه قبل أن يأتى المشترى بالثمن، وكان سعيد بن المسيب وربيعة والليث يقولون: وهو من البائع. وأخذ به ابن وهب، وكان مالك قد أخذ به أيضًا، وقال سليمان بن يسار: مضيته من المشترى سواء حبسه البائع وثيقة من الثمن أم لا. ورجع مالك إلى قول سليمان بن يسار، واحتج الكوفيون والشافعى بفساد بيع الصرف قبل القبض، فدل أنه فى ضمان البائع، قالوا: ولا خلاف أنه من اشترى طعامًا مكايلة، فهلك قبل القبض فى يد البائع، أنه من مال البائع، فكذلك ما سواه فى القياس، واحتجوا بأن النبى - عليه السلام - نهى عن بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن، قالوا: ألا ترى أنه عليه السلام نهى عن بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن، فكأنه نهى عن بيع ما لم يقبض؛ لأنه لم يضمن.