التصرية لم يبعه صاحب الشاة على أنه مصرى، وإنما باعه على أنه غلة حادثة فى الحلاب، فليس له فى الحقيقة رجوع بقيمته، ولا أخذ عوض فيه؛ لأنه لم تكن نيته عند البيع أن يأخذ فيه عوضًا، ولا أنه مبيع، فلما ظهر العيب بالاختبار علم أنه عين قائمة باعه مع الشاة على أنه غلة وهو غيرها، فأمر بالصاع على وجه التحلل. قال غيره: وأجمع العلماء على أنه إذا ردها بعيب التصرية لم يرد اللبن الحادث فى ملكه، ولم يجز أن يرد لبنا مثل لبن التصرية، لأنه لا يعلم مقداره، وإذا لم يعلم ذلك دخله بيع اللبن باللبن متفاضلا والى أجل، وذلك لا يجوز، ولما كان لبن التصرية مغيبًا لا يعلم مقداره، لأن لبن ناقة أو بقرة أكثر من لبن شاة، وأمكن التداعى فى قيمته، قطع النبى الخصومة فى ذلك بما حده من الصاع، كما فعل فى دية الجنين، قطع فيه بالغرة حسمًا لتداعى الموت فيه والحياة، لأن الجنين لما أمكن أن يكون حيا فى حين ضرب بطن أمه، فتكون فيه دية كاملة، وأمكن أن يكون ميتًا فلا تكون فيه دية كاملة، قطع النبى - عليه السلام - التنازع والخصام بأن جعل فيه غرة عبدًا أو أمة وفى اتفاق العلماء على القول بدية الجنين دليل على أن لزوم القول بحديث المصراة اتباعًا للسنة وتسليمًا لها، ومما يشهد لصحة هذا التأويل أنها لو كانت عشر شياه أو أكثر لما رد معها إلا صاعًا واحداُ كما يرد عن الواحدة فثبت أنه ليس على سبيل القيمة والمماثلة، وإنما هو على سبيل التحليل. قال ابن القصار: وأما قولهم فى العبد تقطع يده عند المشترى ثم