وذهبت طائفة إلى أن البيع باطل والشرط باطل، واحتجوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده:(أن النبى - عليه السلام - نهى عن بيع وشرط) ، وهو قول الكوفيين والشافعى، فحملوا هذه الأحاديث التى نزعوا بها على العموم، ولكل واحد منها موضع لا يتعداه، ولها عند مالك أحكام مختلفة، وقد يجوز عنده البيع والشرط فى مواضع فأما إجازته للبيع والشرط، فمثل أن يشرط المشترى على البائع شيئًا مما فى ملك البائع مما لم يدخل فى صفقة البيع، وذلك أن يشترى منه زرعًا ويشترط على البائع حصاده، أو يشترى منه دارًا ويشترط البائع سكناها مدة يسيرة، أو يشترط ركوب الدابة يومًا أو يومين، وقد روى عنه أنه لا بأس أن يشترط سكنى الدار الأشهر والسنة. ووجه إجازته لذلك أن البيع وقع على الشيئين معًا: على الزرع، وعلى الحصاد، والحصاد إجارة، والإجارة بيع، منفعة، وكذلك وقع البيع على الدار غير سكنى المدة، وعلى الدابة غير الركوب، وأبو حنيفة والشافعى لا يجيزان هذا البيع كله؛ لأنه عندهم بيع وإجارة، ولا يجوز؛ لأن الإجارة عندهم بيع منافع طارئة فى ملك البائع لم تخلق بعد، وهو من باب بيعتين فى بيعة، ومما أجاز فيه مالك البيع والشرط شراء العبد على أن يعتق؛ اتباعًا للسنة فى بريرة، وهو قول الليث، وبه قال الشافعى فى رواية الربيع، ولم يقس عليه غيره من أجل نهيه عليه السلام عن بيع والشرط، وأجاز ابن أبى ليلى هذا البيع وأبطل الشرط، وبه قال أبو ثور.