وقال أحمد بن حنبل وأبو عبيد وجماعة من أهل الحديث: الجائحة موضوعة فى القليل والكثير، وذهب الليث والكوفيون والشافعى إلى أن الجائحة فى مال المشترى، ولا يرجع على البائع بشىء، واحتجوا بأن قوله عليه السلام:(أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟) إنما ورد فى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها مطلقاُ من غير شرط القطع قالوا: وعندنا أن الثمرة إذا بيعت قبل بدو صلاحها من غير شرط القطع فتلفت بجائحة أن مصيبتها من البائع، لأن البيع كان باطلا، والى هذا المعنى ذهب البخارى فى هذا الباب. قالوا: والدليل على أنه وارد فى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها قوله: (فبم يستحل أحدكم مال أخيه) ، وبعد بدو الصلاح يكون البيع صحيحًا، ولا يجوز أن يقال فيه: فبم يستحل؛ لأنه يستحله بالعقد. قال ابن القصار: فالجواب: أنه إن استحله بعقد البيع فإن تمام القبض لا يحصل عندنا إلا باجتناء الثمرة، وقبل أن تجتنى المصيبة من البائع وليس قبض كل ما يشترى كله على وجه واحد، ألا ترى أن الرجل يستأجر ظئرًا شهرًا لرضاع ولده، فهو فى معنى شراء اللبن الذى لا يستطيع قبضه فى موضع واحد، فلو انقطع اللبن فى نصف الشهر لرجع بما يصيبه، فكذلك فى الثمر، إذ العادة جرت بأن يؤخذ أولا فأولا عند إدراكه وتناهيه، ولو اشتراه مقطوعًا لكانت مصيبته من المشترى، لأنه يقدر على أخذه كله فى الحال.