ومن باع شيئًا فعليه تسليمه ورفع يده عنه، وبقاء الثمرة على النخل بعد البيع انتفاع بالنخل إلى وقت الجداد، فيكون فى معنى من باع شيئًا واستثنى منفعته، وهذا لا يجوز، فخالفوا السنة إلى قياس، ولا قياس لأحد مع السنة. ويقال لهم: إن من باع شيئًا مشغولاً يحق للبائع، فإن البائع يلزمه نقله عن المبيع على ما جرت به العادة فى نقل مثله، ألا ترى أنه لو باع دارًا هو فيها وعياله فى نصف الليل وله فيها طعام كثير وآلة، فلا خلاف أنه لا يلزمه نقله عنها نصف الليل حتى يرتاد منزلا يسكنه، ولا يطرح ماله فى الطريق، هذا عرف الناس، وكذلك جرت العادة فى أخذ الثمرة عند الجداد، وهو حين كمال بلوغها، ولما ملك النبى - عليه السلام - الثمرة بعد الإبار للبائع اقتضى استيفاء منفعته به على كمالها، وأغنى ذلك عن استثناء البائع تبقية الثمرة إلى الجداد، وأبو حنيفة يجيز أن يبيع السلعة أو الثمرة ويستثنى نصفها وثلثيها وما شاء منها إذا كان المستثنى معلومًا، كذلك قول أكثر العلماء إذا باع نخلا وفيها ثمرة لم تؤبر، فهى للمبتاع تابعة لأصلها بغير شرط، استدلالا بحديث ابن عمر، وخالف ذلك أبو حنيفة فقال: هى للبائع بمنزلة لو كانت مؤبرة، إلا أن يشترطها المبتاع. فيقال له: الثمر له صفتان: مؤبر، وغير مؤبر، ولما جعله النبى - عليه السلام - إذا كان مؤبرًا للبائع بترك المشترى اشتراطها، أفادنا ذلك أن الثمرة للمشترى إذا لم تؤبر وكانت فى أكمامها وإن لم يشترطها المشترى، ولو كان الحكم فيها غير مختلف حتى يكون الكل للبائع، لكان يقول: من باع نخلا فيها ثمر فهى للبائع. فخالف أبو