نجسين، فحكمهما فى أنه لا يحل بيعهما ولا شراؤهما، ولا أكل أثمانهما حكم سائر النجاسات من الميتة والدم والعذرة والبول، وذلك هو المعنى الذى مثل به بائع الخمر وآكل ثمنها بالبائع من اليهود الشحوم وآكل أثمانها، إذ كانت الشحوم حرام أكلها على اليهود، نجسة عندهم نجاسة الخمر والميتة فى ديننا، فكان بائعها منهم وآكل ثمنها نظير بائع الخمر والخنزير منا وآكل ثمنها، فالواجب أن يكون كل ما كان نجساُ حرام بيعه وشراؤه، وأكل ثمنه، وكل ما حرم أكله وهو طاهر، فحلال بيعه وشراؤه، والانتفاع به فيما لم يحظر الله - تعالى - الانتفاع به، فبان الفرق بينهما. قال المؤلف: واختلف العلماء فى جواز بيع العذرة والسرقين، فكره مالك والكوفيون بيع العذرة، وقالوا: لا خير فى الانتفاع بها وأجاز الكوفيون بيع السرقين. قال الطحاوى: وزبل الدواب عند مالك نجس، فينبغى أن يكون كالعذرة، وأما بعر الإبل وخثى البقر فلا بأس ببيعه عند مالك، وقال الشافعى: لا يجوز بيع العذرة ولا الروث، ولا شىء من الأنجاس. قال الطحاوى: وقد جرت عادت الناس بالانتفاع بالسرقين وإن كان نجسا وتمريغ دوابهم فيه، وخلطه بالطين والبناء للفخار، ولوقود النيران غير منكر ذلك عندهم، فهون من النجاسات التى أبيح الانتفاع بها، فدل أنها مملوكة، وأن على مستهلكها ضمانها، فكان دلادلة على أنه يجوز بيعه؛ لأنه مال، وإذا كان كذلك فالحاجة إلى العذرة قائمة فى الانتفاع بها للأرضين. فوجب أن تكون كذلك، وفى سماع ابن القاسم أنه سئل