للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له خاصة يضعها حيث يشاء، فقسمها رسول الله على المهاجرين دون الأنصار فى حديث طويل ذكره ابن إسحاق , قال المؤلف: فإن قال قائل: هذا معارض لحديث المقبرى عن أبى هريرة؛ لأن فيه أن النبى - عليه السلام - أمرهم ببيع أرضهم، وفى حديث ابن إسحاق أنهم تركوا أرضهم دون عوض، وحلت لرسول الله فما وجه ذلك؟ فالجواب: أن النبى إنما أمرهم ببيع أرضهم - والله أعلم - قبل أن يكونوا له حربا، فكانوا مالكين لأرضهم، وكانت بينهم وبين النبى مسالمة وموافقة للجيرة، فكان النبى - عليه السلام - يمسك عنهم لإمساكهم عنه، ولم يكن بينهم عهد، ثم أطلعه الله على ما يؤملون من الغدر به، وقد كان أمره لهم ببيع أرضهم وإجلائهم قبل ذلك فلم يفعلوا؛ لأجل قول المنافقين لهم: اثبتوا فإنا لن نسلمكم إن قوتلتم فوثقوا بقولهم، وثبتوا ولم يخرجوا، وعزموا على مقاتلة النبى - عليه السلام - فصاروا له حربًا؛ فحلت بذلك دماؤهم وأموالهم، فخرج إليه رسول الله وأصحابه فى السلاح وحاصرهم، فلما يئسوا من عون المنافقين ألقى الله فى قلوبهم الرعب، وسألوا رسول الله الذى كان عرضه عليهم قبل ذلك، فلم يبح لهم بيع الأرض، وقاضاهم على أن يجليهم ويتحملوا بما استقلت به الإبل، وعلى أن يكف عن دمائهم وأموالهم، فحلوا عن ديارهم، وكفى الله المؤمنين القتال، وكانت أراضيهم وأموالهم مما لم يوجف عليها بقتال مما انجلى عنها أهلها بالرعب، وصارت خالصة لرسول الله يضعها حيث شاء، قال ابن إسحاق: ولم يسلم من بنى النضير إلا رجلان أسلما على أموالهما فأحرزاها،

<<  <  ج: ص:  >  >>