شيئًا له منفعة بشىء أكثر منه له مثل تلك المنفعة؛ لأنه إنما طلب زيادة الشىء لاختلاف منافعه، فلم يجز ذلك، وتأول مالك فيما روى عن على بن أبى طالب أنه باع جملا له يدعى عصيفير بعشرين بعيرًا إلى أجل، وما روى عن ابن عمر أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة، أن منافعها كانت مختلفة، وليس فى الحديث عنهم أن منافعها كانت متفقة، فلا حجة للمخالف فى ذلك. وأما قول ابن سيرين: لا بأس ببعير ببعيرين، ودرهم بدرهم نسيئة، وفى بعض النسخ بدرهمين نسيئة، فإن ذلك خطأ فى النقل عن البخارى، والصحيح عن ابن سيرين ما رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين قال:(لا بأس ببعير ببعيرين وردهم، والدرهم نسيئة فإن كان أحد البعيرين نسيئة فهو مكروه) وهذا مذهب مالك، وقد ذكره فى الموطأ فى مسألة الجمل بالجمل وزيادة دراهم، قال: والذى يجوز من ذلك أن يكون الجملان نقدًا، ولا يبالى تأخرت الدراهم أم تعجلت؛ لأن الجمل بالجمل قد حصل يدًا بيد، فبطل أن يتوهم فيه السلف، وأعلم أنه بيع؛ لأن الدراهم هاهنا تبع للجمل، وليس هى المقصد، وأما إذا كان أحد الجملين نسيئة فلا يجوز؛ لأنه عنده من باب الزيادة فى السلف، كأنه أسلفه جملا فى مثله واستزاد عليه الدراهم، ولو كانت الدراهم والجمل جميعًا إلى أجل لم يجز؛ لأنه أقرضه الجمل على أنه يرده إليه بصفته ويرد معه دراهم، فهو سلف جر منفعة، وزيادة على ما أخذ المستسلف فلا يجوز.