حديث صفية دليل على أن الاستبراء أمانة، يؤتمن المبتاع عليها بألا يطأها حتى تحيض حيضة إن لم تكن حاملاً؛ لأن النبى - عليه السلام - ألقى رداءه على صفية، وأمرها أن تحتجب بالجعرانة حين صارت فى سهمه، ومعلوم أن من سنته أن الحائل لا توطأ حتى تحيض حيضة؛ خشية أن تكون حاملاً، وأن الحامل لا توطأ حتى تضع؛ لئلا يسقى ماءه زرع غيره، فلما كان الاستبراء أمانة ارتفعت فيه الحكومة، وفى هذا حجة لمن لم يوجب المواضعة على البائع، وهو قول جماعة فقهاء الأمصار غير ربيعة ومالك بن أنس، فإنهما أوجبا المواضعة فى الجوارى المرتفعات المتخذات للوطء خاصة، قال مالك فى المدونة: أكره ترك المواضعة وائتمان المبتاع على الاستبراء، فإن فعلا أجزأهما، وهى من البائع حتى تدخل فى أول دمها. قال المهلب: وإنما قال مالك بالمواضعة خشية أن يتذرع المشترى إلى الوطء، فجعل الاستبراء حياطة على الفروج وحفظا للأنساب، ولقوله عليه السلام:(لا توطأ حائل حتى تحيض) . وأحتج من لم ير المواضعة بأن عطاء بن أبى رباح قال: ما سمعنا بالمواضعة قط. وقال محمد بن عبد الحكم: أول من قال بالمواضعة ربيعة. قال الطحاوى: والدليل على أن المواضعة غير واجبة أن العقد إنما يوجب تسليم البدلين، وقد وافقنا مالك على أن غير المرتفعات من الجوارى لا يجب فيهن استبراء، فوجب أن يكون كذلك حكم المرتفعات، وأجمع الفقهاء على أن حيضة واحدة براءة فى الرحم،