للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف العلماء فى هذا الباب، فقال الكوفيون والثورى والأوزاعى: لا يجوز السلم إلا أن يكون المسلم فيه موجودًا فى أيدى الناس من وقت العقد إلى حين حلول الأجل، فإن انقطع فى شىء من ذلك لم يجز. وهو مذهب ابن عمر وابن عباس - على ما ذكره البخارى فى هذا الباب - وقال مالك والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور: يجوز السلم فيما هو معدود من أيدى الناس إذا كان مأمون الوجود عند حلول الأجل فى الغالب، فإن كان ينقطع حينئذ لم يجز. واحتج الكوفيون بأن النبى نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، وعن بيع ما لم يخلق، وقالوا: من مات فقد حل دينه وإن لم يوجد كان غررًا. قال ابن القصار: وهذا فاسد؛ فإنه قد يحل الأجل ويتعذر السلم؛ بأن يموت المسلم إليه أو يفلس، ولو وجب أن يمنع السلم لجواز ما ذكروه، لوجب ألا يجوز بيع شىء نسيئةً؛ لأنه قد يطرأ على المشترى الموت والفلس قبل محل الأجل، فلا يصل صاحب الحق إلى ماله فيكون هذا غررًا، ولكنه جائز؛ لأن الناس يدخلون فى وقت العقد على رجاء السلامة، ولم يكلفوا مراعاة ما يجوز أن يحدث ويجوز ألا يحدث، ولو سلم فى شىء إلى شهر فإن وقت المطالبة بالتسليم فيه هو رأس الشهر بدليل أن الشىء لو كان موجودًا قبل الشهر لم تكن له المطالبة

<<  <  ج: ص:  >  >>