سعد لأبى رافع احتجاجه بالحديث ولا استدلاله به، ولقال له سعد: ليس معنى الحديث كما تأولته، وإنما الجار المراد به غير الشريك. فلما لم يرد عليه تأويله، ولا أنكره المسور، وهم الفصحاء أهل اللسان المرجوع إليهم؛ علم أن معنى الحديث ما تأوله أبو رافع، وأن الجار فيه يراد به الشريك، وأما بيع أبى رافع للبيتين من سعد بأقل مما أعطاه غيره، فإنما كان على وجه التطوع منه؛ لأنه لا خلاف بين العلماء أنه لا يجب على الشريك أن يعطى شريكه الشقص الذى يريد بيعه بأقل من ثمنه، وكل منا قارب بدنه بدن صاحبه قيل له: جار فى لسان العرب، ولذلك قالوا لامرأة الرجل: جارة؛ لما بينهما من الاختلاط بالزوجية، وقد جاء فى حديث دية الجنين:(أن حمل بن مالك قال: كنت بين جارتين لى) يريد امرأيته، ومنه قول الأعشى لامرأته: أجارتنا بينى فإنك طالقة فكذلك الشريك يسمى جارًا لما بينهما من الاختلاط بالشركة، وتأويل قوله عليه السلام:(الجار أحق بصقبه) عند أهل الحجاز على وجهين: أحدهما: أن يراد به الشريك، ويكون حقه الأخذ بالشفعة دون غيره، وهو أولى الوجهين لما تقدم من الدلائل. والوجه الثانى: يحتمل أن يراد به الجار غير الشريك، ويكون حقه غير الشفعة، فيكون جار الرحبة يريد الارتفاق بها، ويريد مثل ذلك غير الجار، فيكون الجار أحق بصقبه، فإن لم يكن هذا فيكون ذلك فيما يجب للجيران بعضهم على بعض من حق الجوار