واختلفوا إذا تكفل عن رجل بمال، هل للطالب أن يأخذ من أيهما شاء منهما، فقال الثورى والكوفيون والأوزاعى والشافعى وأحمد وإسحاق: يأخذ أيهما شاء من المطلوب أو من الكفيل حتى يستوفى حقه. وهذا كان قول مالك ثم رجع عنه وقال: لا يأخذ الكفيل إلا أن يفلس الغريم أو يغيب. وقالت طائفة: الكفالة والحوالة والضمان سواء، ولا يجوز أن يكون شىء واحد على اثنين، على كل واحد منهما. هذا قول أبى ثور، وقال ابن أبى ليلى: إذا ضمن الرحل عن صاحبه مالا تحول على الكفيل، وبرئ صاحب الأصل إلا أن يشترط المكفول له عليهما أن يأخذ أيهما شاء، واحتج ببراءة الميت من الدين بضمان أبى قتادة، ولذلك صلى النبى عليه، وقال الأبهرى: وحجة مالك أن يأخذ الذى عليه الحق، فإن وفى بالدين وإلا أخذ ما نقصه من مال الحميل؛ فلأن الذى عليه الحق قد أخذ عوض ما يؤخذ منه، ولم يأخذ الحميل عوض ما يؤخذ منه، وإنما دخل على وجه المكرمة والثواب، فكان التبدئة بالذى عليه الحق أولى إلا أن يكون الذى عليه الحق غائبًا أو معدمًا، فإنه يؤخذ من الحميل؛ لأنه معذور فى أخذه فى هذه الحال. وهذا قول حسن، والقياس أن للرجل مطالبة أى الرجلين شاء، وحجة هذا القول ما رواه شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر (أن رجلاً مات وعليه دين، فلم يصل عليه النبى حتى قال أبو اليسر أو غيره: هو على، فصلى عليه، فجاءه من الغد يتقاضاه، فقال: إنما كان ذلك أمس، ثم أتاه من بعد الغد فأعطاه، فقال عليه السلام: الآن بردت عليه جلدته) . قال