فيرجعون بغير ماء، فشكا المسلمون ذلك، فقال عليه السلام:(من يشترى بئر رومة ويبيحها للمسلمين، ويكون نصيبه فيها كنصيب أحدهم وله الجنة، فاشتراها عثمان) ، وهذا الحديث حجة لمالك ومن وافقه فى قولهم: إنه لا بأس ببيع الآبار والعيون فى الحضر إذا احتفرها لنفسه ولم يحتفرها للصدقة، فلا بأس ببيع مائها، وكره بيع ماء حفر من الآبار فى الصحارى من غير أن يحرمه. وأما قوله:(فيكون دلوه فيها كدلاء المسلمين) يعنى: يجعلها حبسًا لله، ويكون حظه منها كحظ غيره ممن لم يحبسها، ولا يكون له فيها مزية على غيره. فإن قيل: إذا شرط أن يكون دلوه فيها كدلاء المسلمين، ففيه من الفقه أن يجوز للمحبس أن ينتفع بما يحبسه إذا شرط ذلك. قيل: هذا ينقسم قسمين: فأما من حبس بئراُ وجعلها للسقاة فلا بأس أن يشرب منها وإن لم يشترط ذلك، لأنه داخل فى جملة السقاة. ومن حبس عقاراُ فلا يجوز له أن ينتفع بشىء منها إلا أن يشترط أن يكون نصيبه فيه كنصيب أحد المسلمين، فإذا لم يشترط ذلك فلا يجوز له الانتفاع بشىء منه، لأنه أخرجه لله - تعالى - ولا يجوز الرجوع فيه. فإن قيل: فما الفرق بين وقف البئر ووقف العقار؟ قيل: الفرق بينهما أن سائر الغلات تنقطع فى أوقات ما، وإذا أخذ منها المحبس فقد حرم ذلك الشىء أهل الحاجة وانفرد به. وماء الآبار لا ينقطع أبدًا، لأنها نابعة فلا يحرم أحد