ترى أن النبى - عليه السلام - وجد تمرة فقال:(لولا أنى أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها) فإنما نبه أنه يجوز أكلها من ملك الغير لو لم تكن من الصدقة؛ لأنها فى معنى التافه، فكذلك الشاة فى الفلاة لا قيمة لها. واحتج الطحاوى للكوفيين فقال: ليس قوله عليه السلام: (هى لك أو لأخيك أو للذئب) على معنى التمليك، كما أنه إذا قال: أو للذئب لم يرد به التمليك لأن الذئب لا يملك وإنما يأكلها على ملك صاحبها، فينزل على أجر مصيبها، فكذلك الواجد إن أكلها، أكلها على ملك صاحبها فإن جاء ضمنها له. قالوا: وقد روى ابن وهب عن عمرو بن الحارث، وهشام بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده (أن رجلا أتى النبى - عليه السلام - فقال: يا رسول الله كيف ترى فى ضالة الغنم؟ قال: طعام مأكول لك أو لأخيك أو للذئب، فاحبس على أخيك ضالته) . فهذا دليل على أن الشاة على ملك صاحبها. وأجمع العلماء أن صاحبها لو جاء قبل أن يأكلها الواجد لها أخذها منه، وكذلك لو ذبحها أخذها منه مذبوحة، وكذلك لو أكل بعضها أخذ ما وجد منها، فدل على أنا على ملك صاحبها فى الفلوات وغيرها، ولا يزول ملكه عنها إلا بإجماع، ولا فرق بين قوله فى الشاة:(هى لك أو لأخيك أو للذئب) وبين قوله فى اللقطة: (فشأنك بها) بل هذا أشبه بالتمليك؛ لأنه لم يشرك معه فى لفظ التمليك ذئبًا ولا غيره.