للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: لما حكم للدم من النجاسة إلى حكم الطهارة بطيب رائحته، وحكم له فى الآخرة بحكم المسك الطاهر، إذ لا يوصف فيها بطيب الرائحة شىء نجس، وجب أن يحكم للماء إذا تغير ريحه، أو لونه، أو طعمه بنجس حل فيه بحكم النجاسة لانتقاله من الطهارة إلى النجاسة، وخروجه عن حكم الماء الذى أباح الله به الطهارة، وهو الماء الذى لا يخالطه شىء يغيره عن صفته. فإن قال قائل: إنه لما حكم للدم بالطهارة بتغير ريحه إلى الطيب وبقى فيه اللون، والطعم، ولم يذكر تغيرهما إلى الطيب، وجب أن يكون الماء إذا تغير منه وصفان بالنجاسة، وبقى وصف واحد طاهر وجب أن يكون طاهرًا يجوز الوضوء به. قيل: ليس كما توهمت، لأن ريح المسك حكم للدم بالطهارة، فكان اللون، والطعم تبعًا للطاهر، وهو الريح الذى انقلب ريح مسك، فكذلك الماء إذا تغير منه وصف واحد بنجاسة حلت فيه، كان الوصفان الباقيان تبعًا للنجاسة، وكان الماء بذلك خارجًا عن حد الطهارة لخروجه عن صفة الماء الذى جعله الله طهورًا، وهو الماء الذى لا يخالطه شىء. وأما ريش الميتة وعظام الفيل ونحوه فهو طاهر عند أبى حنيفة، نجس عند مالك والشافعى، لا يدهن فيها، ولا يمتشط، إلا أن مالكًا قال: إذا ذكى الفيل فعظمه طاهر، والشافعى يقول: إن الذكاة لا تعمل فى السباع. وقال الليث، وابن وهب: إن غلى العظم فى ماءٍ سخن فطبخ جاز الإدهان به، والامتشاط.

<<  <  ج: ص:  >  >>