للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما أتى الرجل من جهله بالأسباب التى خرج عليها معنى الخطاب، والنبى (صلى الله عليه وسلم) قد جمع فى هذا الخبر معانى: أحدها: تحريم الوضوء بالماء النجس. والآخر: تأديبهم بأن يتنزهوا عن البول فى الماء الذى لا يجرى فيحتاجون إلى الوضوء منه، وهم على يقين من استقرار البول فيه، لأن من سنته (صلى الله عليه وسلم) النظافة وحسن الأدب، فدعا الناس إلى ذلك. والآخر: أنه زجرهم عن ذلك، إذ لو أطاق لهم البول فى الماء الدائم لأوشك أن يفسد الماء القيل ويتغير فيضيق وجود ماء طاهر على كثير من الناس. فيقال له: خبرنا عن البائل فى البحر أو الحوض الكبير أو الغدير الواسع الذى لا يتحرك بتحرك طرفه، هل يجوز أن يتوضأ منه؟ فإن قال: لا، قال: ما تعرف أن الحق فى خلافه؟ وإن أجاز ذلك قيل له: فقد تركت ظاهر الحديث، وفى ضرورتك إلى تركك ظاهره ما يوجب عليك أن تقول، إن معنى الحديث ما ذكرنا، قاله بعض أصحاب أبى حنيفة. وأما إدخال البخارى فى أول الحديث: تمت نحن الآخرون السابقون يوم القيامة - فيمكن، والله أعلم، سمع أبو هريرة ذلك من النبى فى نسق واحد فحدث بهما جميعًا كما سمعهما. وقد ذكر مثل ذلك فى كتاب الجهاد، وفى كتاب العبارة، وفى كتاب الأيمان والنذور، وفى كتاب قصص الأنبياء، وفى كتاب الاعتصام، ذكر فى أوائل الأحاديث كلها: تمت نحن الآخرون السابقون يوم القيامة -، ويمكن أن يكون همام سمع ذلك، لأنع سمع من أبى هريرة أحاديث ليست بكثيرة، وفى أوائلها:

<<  <  ج: ص:  >  >>