والله أعلم، وقت كون الربا مباحًا، ولم ينه حينئذ عن قرض جر منفعة، ولا عن أخذ الشىء بالشىء إن كانا غير متساويين، ثم حرم الربا بعد ذلك، وحرم كل قرض جر منفعة، ونهى عن أخذ الشىء بالشىء إن كانا غير متساويين، وحرمت أشكال ذلك كلها، وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها، وحرم بيع اللبن فى الضرع، ودخل فى ذلك النهى عن النفقة التى ملك بها المنفق لبنًا فى الضرع، وتلك النفقة غير موقوف على مقدارها، واللبن كذلك أيضًا. فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التى تجب له عوضًا منها، وباللبن الذى يحتلبه فيشربه. ويقال لمن جوز للراهن استعمال الرهن: أيجوز للراهن أن يرهن دابة هو راكبها؟ فلا يجد بدًا من أن يقول: لا، فيقال له: فإذا كان الرهن لا يجوز إلا أن يكون محلاً بينه وبين المرتهن فيقبضه ويصير فى يده دون الراهن، كما وصف الله الراهن بقوله:(فرهان مقبوضة)[البقرة: ٢٨٣] ، فقد ثبت أن دوام القبض فى الرهن لابد منه إذا كان الرهن إنما هو وثيقة فى يد المرتهن بالدين. وقد أجمعت الأُمَّةُ أن الأَمَة الرهن لا يجوز للراهن أن يطأها، فكذلك لا تجوز له خدمتها، وقد حدثنا فهد، قال: نا أبو نعيم، حدثنا الحسن بن صالح، عن إسماعيل بن أبى خالد، عن الشعبى، قال: لا ينتفع من الرهن بشىء، فهذا الشعبى روى الحديث وأفتى بخلافه، ولا يجوز عليه ذلك إلا وهو عنده منسوخ.