إلى آخر الحديث، فيه دليل أن العزل غير مكروه؛ لأنه، عَلَيْهِ السَّلام، لما أخبروه أنهم يفعلون ذلك لم ينكره عليهم، ولا نهاهم عنه، وقال:(ما عليكم ألا تفعلوا فإنما هو القدر) ، أى فإن الله إذا قدر يكون الولد، لم يمنعه عزل، ووصل الله من الماء إلى الرحم شيئًا وإن قل يكون منه الولد، وإن لم يقدر كونه لم يكن بالإفضاء. فأعلمهم أن الإفضاء لا يكون منه ولد إلا بقدر الله، وأن العزل لا يمنع الولد إذا سبق فى علم الله أنه كائن. وقال ابن مسعود: لو أن النطفة التى أخذ الله ميثاقها كانت فى صخرة لنفخ فيها الروح. قال: وفى قوله، عَلَيْهِ السَّلام:(ما من نسمة كائنة إلا وهى كائنة) ، إثبات العلم، وأن العباد يجرون فى علم الله وقدره، والقدر هو سر الله وعلمه لا يدرك بحجة ولا بجدال، وأنه لا يكون فى ملكه إلا ما شاء تعالى، ولا يقوم شىء إلا بإذنه، له الخلق والأمر. قال المهلب: وقول أبى هريرة: ما زلت أحب بنى تميم؛ لأنهم أشد الأمة على الدجال، وقد روى عنهم أنهم كانوا يختارون ما يخرجون فى الصدقات من أفضل ما عندهم، فأعجب النبى (صلى الله عليه وسلم) بفراهيتها، فقال هذا القول على معنى المبالغة فى نصحهم لله ولرسوله فى جودة الاختيار للصدقة، وقوله تعالى:(ضرب الله مثلاً عبدًا مملوكًا لا يقدر على شىء)[النحل: ٧٥] ، فقد تأول بعض الناس فى هذه الآية أن